كثيرة هي مصائب الدنيا وعجائبها لكن أعظم المصائب وأجلها هي ما يتعلق بالإنسان نفسه ذاتاً وهويةً ووجوداً وكينونة وأحسب إن إنسان إرتريا قد أصيب بهذا فما أعظمها من مصيبة وما أعظمه من مصاب بيد انه إذا تساءلنا هل يستحق الإنسان الإرتري كل ذلك ؟! الإجابة قطعاً لا
( وقد نفذت هذه النصيحة في البلاد الإسلامية جميعها، واستطاع المستعمرون أن يكونوا من العناصر الضعيفة الإيمان قوى منظمة بعضها أحزاب سياسية، وبعضها اتجاهات فكرية تربت على عين الإستعمار وسمعه، وحشيت أذهانها بما أملاه أعداء الإسلام ، وظل الشعور بالنقص والتبعية للغرب هو إحساسها الدئم، واختير من تلك القوى أفراد قدر المستعمر، أنهم أفضل المطايا له، فصنع لهم بطولات ضخمة، وأثار حولهم الغبار الكثيف حتى خيل للأمة أن على أيديهم مفتاح نهضتها وبناء مجدها، فطأطأت لهم الرأس حتى إذا تمكنوا منها أنزلوا بها من الذل والدمار وخراب العقيدة ما لم تذقه على يد أسيادهم ). من كتاب العلمانية للشيخ الدكتور سفر الحوالي. المسلمون ابتلوا ببعض الدهماء والجهلة من أبنائهم، الذين أجمعوا أمرهم على محاربة الإسلام والتشكيك فيه، في الوقت الذي يبشرون بالعلمانية، ويسعون في نشر الفساد والانحلال، ويحاربون الفضيلة وتطبيق الشريعة، فئة كانت بالأمس مطية للنظام الدكتاتوري الطائفي، واليوم بدأت تسوق من منصة المعارضة العلمانية التي كانت سببا في هلاك وذل المسلمين، لتجعل من المسلمين مطية سهلة الركوب لجلاد قادم، بل وصل الأمر ببعضهم التطاول على الإسلام تشويها وتشكيكا ليرضى عنه الأسياد، ولكن بحول الله وقوته لن يحصدوا إلا شوكا ما دام حماه العقيدة والفضيلة والكرامة يجوبون ثرى إرتريا الحبيبة. تعريف مصطلح العلمانية: هناك العديد من الترجمات لمصطلح العلمانية منها: اللادينية أو الدنيوية، ومنها إقامة الحياة على العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيدا عن الدين ( إقامة شؤون الحياة على غير الدين ) وهناك ما يسمى بالعلمانية الجزئية: وهي رؤية جزئية للواقع تعرف اليوم بفصل الدين عن الدولة، تمثلها المجتمعات الديمقراطية الليبرالية، وهناك العلمانية الشاملة: وهي رؤية شاملة للواقع بعيدا عن مفهوم الدين، أي إقصاء الدين وقيمه عن واقع الحياة، وهو ما يعرف اليوم بالعلمانية الطبيعة المادية، التي تعني الهيمنة الشاملة والكاملة على الدولة ومؤسساتها، في ظل تحجيم صارم للدين وقيمه، وتمثلها المجتمعات الشيوعية. يقول الفرد هوايت هيو:( ما من مسألة ناقض العلم فيها الدين إلا وكان الصواب بجانب العلم والخطأ حليف الدين) ويقول جورج سنتياتا: ( إن حياتنا بكاملها وعقلنا قد تشبعا بالتسرب البطيء الصاعد لروح جديدة هي روح ديمقراطية دولية متحررة وغير مؤمنة بالله ). جاء في قاموس العالم الجديد لوبستر ( العلمانية ) ( الروح الدنيوية، أو الاتجاهات الدينية، ونحو ذلك ، نظام من المبادئ والتطبيقات يرفض أي شكل من أشكال الإيمان والعبادة ) تعرف دائرة المعارف البريطانية ( العلمانية ) ( هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها ) معجم أكسفورد شرح العلمانية ( الرأي الذي يقول : إنه لا ينبغي أن يكون الدين أساسا للأخلاق والتربية ) أسباب قيام العلمانية في الغرب : تحول الكنيسة ورجالها إلى طواغيت مستبدين باسم الرب، واحتكار أمر الفكر والسياسة ، ومحاربة المفكرين والفلاسفة، حيث أقيمت لهم محاكم التفتيش، منهم كوبرنيكوس ناشر كتاب الأجرام السماوية عام 1543م الذي حرمته الكنيسة، جرادانو: صانع التلسكوب عذب عذابا شديدا وهو في السبعين من عمره، وتوفي سنة 1642م، سبينوزا: صاحب مدرسة النقد التاريخي الذي مات على يد رجال الكنيسة، فشقت أروبا على أيد رجال الكنيسة، في فترة إزدهر فيها الفكر والحضارة الإسلامية في الأندلس والشرق وبلاد المغرب، مما دفع الغرب إلى إبتعاث أبنائه إلى جامعات الأندلس الإسلامية لتلقي العلوم والمعارف المختلفة، وبعد العودة إلى بلادهم تبين لهم زيف الكنيسة وما تمارسه من دجل وزيف واستبداد وظلم، فتصدوا للكنيسة، واحتدم الصراع بين الطرفين وأقامت الكنيسة لمخالفيها محاكم التفتيش لملاحقة حملة الأفكار الإسلامية في أوروبا الذين نالهم التكفير والقتل والحرق، ومكث هذا الصراع لعدة قرون انتهى بهزيمة الكنيسة ورجالها، ونتيجة لهذا الصراع كانت ولادة الحكومة الفرنسية سنة 1789م، وهي أول حكومة لا دينية تحكم باسم الشعب، فالعلمانية ظهرت في أوربا في القرن السابع عشر، وعمت أوروبا في القرن التاسع عشر. كانت للحضارة الإسلامية فضل في كشف زيف ممارسات الكنيسة وبعث روح التصدي والمقاومة لها في أرووبا، على يد أولئك الذي نهلوا من العلوم والمعارف المختلفة في جامعات الأندلس الإسلامية، وبلاد المغرب العربي، فالإسلام صاحب فضل على الغرب في تخليصه من هيمنه الكنيسة، بينما كانت الكنيسة تمارس الإستبدا وتحارب العلم والمعرفة، وتصادرالسلطات السياسية مما جعل أروبا تغرق في عصور مظلمة في كل مجالات الحياة. يقول علماء الفيزياء أن لكل فعل رد فعل مساويا له في المقدار ومعاكسا له في الاتجاه، فالفعل الذي مارسته الكنيسة ضد الشعوب في أروبا كان عنيفا، والرد من المناهضين للكنيسة كان أعنف، فتطرف الكنيسة في تلك الفترة قابله تطرف المفكرين والفلاسفة في مسألة الدين، فقعدوا وأصلوا لمعادة الدين، وبلغ بهم التطرف إلى معادات الأديان الأخرى، التي لم تكن يوما طرفا في شقائهم ومعاناتهم في تلك الفترة، وفي نهاية المطاف أختزل هذا العداء في محاربة الإسلام ، بل بعد أن تم الصلح بين العلمانيين والكنيسة، وصل الأمر إلى التعاون والتنسيق المكشوف بين الأنظمة العلمانية الغربية والكنيسة الغربية لمحاربة الإسلام، فالعلمانية في جوهرها وفي حربها ضد الإسلام تجد المباركة والشرعية الضمنية من الكنيسة الغربية، حيث نجد أن الديانة النصرانية تتفق مع العلمانية في فصل الدين عن الدولة، حيث لقيصر سلطة الدولة، ولله سلطة الكنيسة، وهذا واضح فيما ينسب للسيد المسيح علية السلام من قوله: ( إعط أو (دع) ما لقيصر، لقيصر وما لله، لله )، لذلك ترضى الشعوب المسيحية أينما وجدت بأن تحكم بقانون مدني وضعي، لأن ذلك لا يعطل حكما في دينها، كما لا يوجد في دينها أصلا ما يعتبر شريعة ومنهاجا للحياة، بخلاف المسلمين الذين لا يرضون إلا بحكم الإسلام، كما يجد المسلمون في الإسلام شرعة ومنهاجا لحياتهم ما يغنيهم عن الأحكام الوضعية التي تناقض ثوابت الإسلام وأركانه. يقول الدكتور يوسف القرضاوي: ( فاءنه إذا انفصلت الدولة عن الدين بقي الدين النصراني قائما في ظل سلطته القوية الفتية المتمكنة، وبقيت جيوش من الراهبين والراهبات والمبشرين والمبشرات تعمل في مجالاتها المختلفة، دون أن يكون للدولة عليهم سلطان )، وكأن الشيخ يحكي عن واقع العلمانية الطائفية في إريتريا، فالكنائس تبنى في كل مكان، حتى في مناطق لا يوجد فيها النصارى، والإسلام يحارب في مساجده ومعاهده ودعاته ولغته العربية، وتفتح البلاد لمنظمات التنصير التي تأتي تحت مسميات مختلفة، وتوصد الأبواب في وجه الجمعيات الإسلامية الخيرية والإغاثية، وعندما يسأل أفورقي لماذا لا تسمحوا بدخول الجمعيات الخيرية الإسلامية؟ يقول نحن دولة علمانية، فاين موقف الحياد من الأديان الذي ينظر به البعض، فتلك فرية وكذبة كبرى لتمرير المخططات الإستعمارية، فأروبا نفسها منبع العلمانية أصبحت تتحسس من غطاء الرأس في الوقت الذي صارت فيه المسيحية دينا رسميا لتلك الدول، وتركيا العلمانية يضيق صدرها بغطاء رأس لبرلمانية مسلمة، فأين ذلك الحياد المزعوم وكيف نفسر إنقلاب العلمانية على الديمقراطية في الجزائر،ألأن الخيار كان الإسلام ؟ تلك القرائن وغيرها يؤكد أن المستهدف من المشروع العلماني هو دين الإسلام وليس دين آخر، وما يقال عن حياد العلمانية من الأديان، إنما هو لتسويق المشروع وتمريره على الشعوب المسلمة، فالعلمانية اليوم بصورها الحالية أشد شراسة وعداء للإسلام، ولكنها تخفي وجهها القبيح وحقدها الدفين، بدعاوي جذابة حول الحرية والعدالة والديمقراطية، والعلم والمعرفة، والتنوير والاستنارة، ولكن الواقع الحقيقي يناقض تلك الشعارات الرنانة والبراقة. لقد تحولت العلمانية في دول العالم الثالث إلى أيدلوجية قمعية أقرب إلى الفاشية والنازية والشيوعية، كما فشلت على مستوي الهوية والديمقراطية وحقوق الإنسان، فالعلمانية بصورها اليوم تمثل أبشع صور التسلط والاستبداد، وهو ما كانت تمارسه الكنيسة ورجالها ضد خصومها في أوربا، ففي مجالات الفكر والمعرفة استأثر العلمانيون بمصطلحات (التنوير) ومشتقاته ونعتوا مخالفيهم من أصحاب الفكر الإسلامي بالظلامين والمتزمتين والرجعيين بل وأقاموا لهم محاكم التفتيش في بعض الأقطار العلمانية لم توف بوعودها بشأن الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية في العالم الثالث ( حيث تنتشر العنصرية والجريمة، والفردية والطبقية، والقومية والحزبية والطائفية، والفساد الأخلاقي والسياسي والاقتصادي )، بل أصبحت العلمانية حليف ورديف للأنظمة المستبدة والأنظمة العسكرية، ولم تصل بالشعوب إلى جنتها الموعودة، ومن الأمثلة على ذلك علمانية أفورقي الطائفية الفاشية الحاقدة على الإسلام والمسلمين، والعلمانية الكمالية في تركيا المحمية بقوة الجيش التي مزقت الهوية الإسلامية التركية، بالإضافة إلى العلمانية الجزائرية المحمية هي الأخر بقوة الدرك التي أجهضت الديمقراطية عندما إختار الشعب الجزائري المشروع الإسلام. كل تجربة إنسانية تحكمها ظروف مكانية وزمانية وايدلوجية، وثقافية واجتماعية، ولكي تنجح نفس التجربة في مكان آخر يجب توفر نفس العوامل والشروط بنفس المعايير والمقادير، وإلا لن تعطي نفس النتائج فنجاح العلمانية في الغرب لا يعني نجاحها في الشرق الإسلامي، بل قد تعطي نتائج عكسية، وأكبر خطأ وقع فيه دعاة العلمانية، أنهم يريدون اسقاط التجربة العلمانية، على مجتمعات مغايرة للمجتمعات الغربية أيدلوجيا وثقافيا، وإجتماعيا، والمحصلة إما أن تقاوم تلك المجتمعات العلمانية لتبقي على مكونات شخصيتها من أيدولوجيا وثقافة وفكر، وإما أن تستسلم وتنسلخ من ذلك كله لتلبس الثوب العلماني، والأخير لن يحصل إلا إذا قام العلمانيون بدور الكنيسة ومارسوا على الشعوب ما كان يعيبونه على الكنيسة من استبداد وتسلط كما هو الحال في إرتريا. ديانة الغرب في تلك الفترة كانت النصرانية بمذاهبها المختلفة، ولم يكن هناك دين آخر يزاحم النصرانية في تلك المجتمعات الغربية، والداء الذي أصاب الكنيسة وحولها من حمل وديع يخدم مصالح المجتمع، إلى غول يدمر ويقتل ويحرق مخالفيه وينازع الملوك في السلطة والثروة، كان بسبب فساد القائمين على الكنيسة في تلك الفترة، فهؤلاء طوعوا وحرفوا تعاليم الديانة النصرانية خدمة لأطماعهم وشهواتهم، ومما ساعدهم في ذلك، بدائية المجتمعات الغربية وتفشي الجهل المطبق فيها، لذلك عرفت تلك الفترة بالعصورالمظلمة في أروبا، لذلك نتفهم ثورة الغرب ضد هذا الواقع وتداعياته من وجهين الأول لتخليص الشعوب من طغيان وظلم وسطوة رجال الكنيسة، والثاني لتحرير الكنيسة وتخليصها من هيمنة أولئك الأشرار الذين شوهوا سمعتها ومكانتها لتعود إلى سيرتها وعهدها الأول، نريد أن نوصل رسالة لأرباب العلمانية، المسلمون لم يعانوا في إرتريا من تسلط ديني بقدر ما عانوا من تسلط علماني دكتاتوري، والتسلط والظلم في مجتمعنا جاء مع العلمانيين، فالمعركة الحقيقية يجب أن تكون ضد المشروع العلمانيي الذي صلب المجتمع الأمن والإستقرار، العلمانية في نظري مشروع استعماري، قدم إلى المنطقة الإسلامية مع جحافل الإستعمار والتنصير، والفكر العلماني إستهدف في المسلمين اقوى وأمضى سلاح يملكوه هو العقيدة الإسلامية واكتشف المستعمر قوة هذا السلاح عندما هزمت طلائع الإستعمار شر هزيمة في كل من الهند وبلاد المغرب العربي، فعمل على إضعاف العقيدة في نفوس المسلمين، من خلال بث الأفكار والقيم التي تناهض الإسلام ورفع شعار فصل الدين عن الدولة وجند لتحقيق ذلك جحافل من العملاء وضعفاء النفوس على كل أرض من بلاد المسلمين وطئتها أقدامه. وقد شملت العلمانية معظم دول العالم الإسلامي في السياسة والحكم في وقتنا الحاضر، وقد دخلت العلمانية مصر مع حملة ( نابيليون بونابرت ) وأدخل الخديوي إسماعيل الذي كان مفتونا بالغرب القانون الفرنسي سنة 1883م، أما المغرب العربي خضع بالجملة للاستعمار الفرنسي، فالجزائر ألغت الشريعة عقب الاحتلال سنة 1830م وأحلت بدلها القانون الفرنسي، وأخذت كل من تونس سنة (1906م ) والمغرب سنة ( 1913م ) بالقانون الفرنسي. أما في الهند كانت الأحكام وفق الشريعة الإسلامية حتى سنة 1791م، إلى أن تم إلغائها تدريجيا على يد الإنجليز وانتهت تماما في أواسط القرن التاسع عشر. أما تركيا فكان دخول العلمانية فيها على يد ( مصطفى كمال أتاتورك ) عقب إلغائه الخلافة العثمانية في 3/3/1924م، معلنا بذلك حربا شرسة على الإسلام ( حارب المظاهر والقيم الإسلامية في المجتمع التركي المسلم، حارب اللغة العربية ومنع التحدث والكتابة بها، واستبدلها باللغة التركية والحروف اللاتينية، ألغ الشعائر الإسلامية مثل الآذان، والصلاة جماعة وقراءة القران، ولبس العمامة )، أما بلاد الشام والعراق دخلتها العلمانية مع قدوم المستعمر البريطاني والفرنسي، حيث ألغيت الشريعة من هذه الأقطار بعد إلغاء الخلافة العثمانية على يد ( مصطفى كمال ) مما سهل مهمة المستعمر في ترسيخ العلمانية في تلك المجتمعات، وكان ثمرة ذلك انتشار الأحزاب العلمانية والنزاعات القومية التي كانت سببا في تفتيت وحدة الأمة الإسلامية، ومعوقا حقيقيا لنهضتها وتقدمها، حيث كبلتها تلك النزاعات والشعارات البالية، التي لا تنسجم مع مبادئ وقيم الإسلام الداعية إلى الوحدة والتوحد في الأمة، فكان وما زال نصيب العالم الإسلامي من العلمانية الضعف والتمزق والتخلف في كل المجالات سياسية، واقتصادية، واجتماعية حتى إشعار آخر. وقفت على مقال للأخ / محمد محمد علي همد نشر في موقع عونا بعنوان حول فصل الدين عن الدولة، حاول الكاتب أن يبرهن أن فصل الدين عن الدولة هو الحل لمشكلاتنا لأننا مجتمع متعدد الأديان، ورأى في العلمانية في بعدها السياسي حلا لمشكلات الحكم في إرتريا، كما رفض العلمانية المطلقة في كل شيء، أولا أحب أن أذكر الكاتب أن المجتمع الإرتري قديما وحديثا لم يعاني من تسلط كنسي أو تسلط إسلامي إن جاز التعبير، حتى نرفع شعار فصل الدين عن الدولة، ثم ألم يفصل النظام الحاكم الدين عن الدولة أعني الدين الإسلامي بل حاربه وهذا ما شهدت به في مقالك، ثم ألا ترى معي كيف استفاد ت المسيحية في ظل النظام الطائفي الدكتاتوري، حيث وجدت من الرعاية والدعم ما لم تجده في العهود الماضية، وهذا كذلك شهدت به في مقالك، وشهدت أن النظام الحاكم دولة دينية بقفذات مدنية، ولكني أخالفك في تشخيص المشكلة، فالمشكلة الإرترية في النزعة الطائفية لرأس النظام المستفيد من العلمانية الحاقدة على الإسلام والمحمية بالقبضة الدكتاتورية، يقول الكاتب ( وجاءت فكرة ونظرية ( العلمانية ) والتي يمثل فصل الدين عن الدولة فيها العمود الفقري _ جاءت لتحد من سلطة وتغول الدولة على الأديان وتحجيم دورها في السياسة العامة فقط _ إذا مبدأ فصل الدين عن الدولة جاء إنصافا للإديان ونصرتها حيث أشيعت الحرية الدينية والمذهبية وحرية الاعتقاد — ) بهذا المفهوم الغريب العجيب للعلمانية يكون نصف الكاتب كل التعريفات التي قال بها المفكرين والفلاسفة الغربيين عن مفهوم العلمانية، والتي مضمونها تحييد الدين وإقصائه عن واقع الحياة جزئيا أو كليا، فهل إقصاء الدين وقيمه من واقع الحياة نصرة وإنصاف للأديان ؟ أرجوا أن يصحح الكاتب معلوماته حول تعريف العلمانية بالرجوع إلى المصادر الموثوقة والمعتبرة في هذا الجانب، أما إذا كان قوله هذا من باب التسويق والترويج للعلمانية فهذا شأن آخر والمفترض على الكاتب منا أن يتحرى الصدق فيما يكتب، وخلاصة الكلام أن العلمانية اليوم أصبحت دينا عند أنصارها عليها يوالون وعليها يعادون، وبدل أن كان صراعها في البدايات مع كل الأديان، أختزل هذا الصراع في نهاياته مع الإسلام فقط ولعل لذلك أسباب كثيرة لا يتسع المقام لذكرها، فالإسلام والعلمانية كعقيدة ضدان لا يجتمعان في قلب واحد ، يقول الشيخ سفر الحوالي ( وبديهي أنه بالنسبة للإسلام لا فرق بين المسميين ( العلمانية المعتدلة أو العلمانية المتطرفة ) فكل ما ليس دينا من المبادئ والتطبيقات فهو في حقيقته مضاد للدين، فالإسلام واللادينية نقيضان لا يجتمعان ولا واسطة بينهما ) فالإساءة من بعض الأقلام العلمانية لعقيدة الإسلام، قد يعني تأجيج الصراع في المجتمع، وهو ما لا تحمد عقباه، فمجتمعنا فيه من المشكلات والأمراض ما فيه الكفاية، نحن اليوم علينا أن نستفيد من تجربة الغرب في الحكم خاصة في جوانب الوسائل والآليات التقنية والفنية التي ساعدت في قيام دولة القانون والعدل والمساواة والحريات العامة والخاصة، دون أن نستصحب مع تلك الوسائل والآليات العقيدة العلمانية ومواقفها المعادية لديانة المجتمع فتجربة الديمقراطية أثبتت جدارتها في إستقرار تلك المجتمعات وكانت سببا في كبح جماح أصحاب النزعات الدكتاتورية وهو ما يحتاجه مجتمعنا لحل معضلاته، فعلينا أن نتجنب توصيف الدولة بالعلمانية لأن ذلك يستفز مشاعر المسلمين نظرا لموقف العلمانية المعادي للإسلام، ونظرا لمعاناة المسلمين اليومية على يد النظام العلماني الدكتاتوري، وإلا حق للمسلمين رفع شعار دولة الإسلام في وجه من يرفعون شعار العلمانية الإلحادية، وعندها لن يخسر المسلمون وحدهم، فعهد التنازلات من جانب واحد قد ولى إلى الأبد، ومن لا يحترم الإسلام كدين وحق للمسلمين، لا يتوقع التسامح والإحترام من المسلمين، فالمسلمون ليس من دينهم إقصاء الأديان الأخرى، كما أنهم لا يقبلون من أحد كائن من كان أن يقصي الإسلام من حياتهم، المقال فيه أجزاء من مقال سابق لي نشرعن العلمانية، وفي الختام أدعو الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير