كلمة الشيخ أبو سهيل للأمة الإسلامية بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم


سم الله الرحمن الرحيم
كلمة الشيخ أبو سهيل للأمة الإسلامية بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم
الحمد لله قيوم السماوات والأرضين ، ولي الصالحين وناصر عباده المؤمنين . ومذل الطغاة والجبارين والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين إمام المرسلين وقائد المجاهدين هاديا وبشيرا نذيرا وسراجا وقمرا منيرا ، وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى صحابته الذين حملوا الراية من بعده بأمانة وإخلاص فطافوا بها شرقا وغربا حتى تحقق على أيديهم زوال امبراطوريتي الأكاسرة والقياصرة فحرروا الشعوب من إسارها ، وافتكت عن أغلالها وعلى من ترسم خطاهم واتبع مناهجهم إلى يوم الدين . وبعد :
فيسرني في البدء أن أزجي التهنئة للشعب الارتري المسلم خاصة والمسلمين عامة بحلول شهر رمضان المبارك نسأل الله العلي القدير أن يوفق الجميع للطاعة فيه : صياما وقياما وتيسير كل أبواب القرب إليه سبحانه ، وأن يجعلنا والمسلمين من الفائزين فيه بالمغفرة والرضوان وأن نكون من عتقائه . آمين يا رب العالمين .
إن مناسبة شهر رمضان ليست كأي مناسبة عابرة يستذكر فيها المرء ذكريات الطفولة ، أو أيام جميلة عاشها ويحلو أن يجترها، وإنما رمضان موسم من مواسم الخير يشمر فيه المرء لتحقيق مزيد من المكاسب الروحية : إخلاصا لله و زلفى إليه بالقرب المختلفة ؛ فهو منحة إلهية وعطية ربانية يستمطر فيها المرء رحمات ربه ويتعرض لنفحاته القدسية ، ويستوكف فيها العبرات خشوعا له سبحانه .
وهو دوحة باسقة يتفيأ المسلم ظلالها الوارفة من شمس المعاصي اللاهبة وحرها اللافح ، وهو حديقة غناء يتعرض المرء لنسائمها الإيمانية ويستنشق عبيرها الفواح وأريجها الزاكي حتى تتألق روحه في السماء ، والشهر الكريم يشعر المرء فيه بلذة الأنس بمناجاة ربه وتلاوة كتابه العزيز من وحشة الحياة ورهق الدنيا وعناء العمل.
ذلك لأن شهر رمضان قد اختصه الله بميزات لا تتوفر في غيره من الشهور حيث فيه ليلة القدر التي تعدل عبادة ألف شهر فيما سواه ، و تشريفا لهذا الشهر الفضيل أنزلت فيه الكتب السماوية كلها ، صحف إبراهيم والتوراة والزبور والانجيل والقرآن الكريم كما ورد في الحديث ، وهو شهر تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران وتصفد فيه مردة الشياطين ، ، وذلك عونا للمسلم على طاعة ربه وحتى لا تغتاله المردة على حين غفلة منه ، وفي كل ليلة من لياليه لله فيه عتقاء من النار نسأل الله أن نكون والمسلمون منهم .
لذا يتوجب على المسلم أن يغتنم هذه الفرصة بمزيد من الطاعة لله عز وجل : صياما وقياما وتلاوة وذكرا وتفكرا وإنفاقا بسخاء وأريحية مواساة للفقراء والمساكين والأيامى واليتامى ، ,وعون المسلمين حتى بالبدن وإرشادا لحياراهم وهداية للخلق : دعوة بالحكمة وموعظة بالحسنى ، أو تعليما في مدرسة أو دفاعا عن الأمة وعن قيمها ومقدساتها ، وذودا عن حياضها بالجهاد في سبيل الله ، أو بذلا للعرق إنتاجا في مصنع لمتطلبات الأمة أو كسبا للحلال أو عيالة للأسرة ، كل ذلك من سبل الخير الموصلة إلى الله عز وجل .
•والمؤمن في هذا الشهر الكريم إذ يتطلع إلى عفو ربه وقبول طاعاته في خاصة نفسه ، لا ينسى أن يلجأ إلى الله بالدعاء ، والدعاء حصن المسلم المنيع وركنه الركين ، استمدادا لعون الله له ولإخوانه المسلمين واستدرارا لرحماته وبركاته ، واستنزالا للنصر والتمكين للمسلمين ، وأن تكون لهم السيادة والريادة .
•والمؤمن إذ يدعو ربه ليستحضر فيه أيضا أمجاد الأمة وماضيها التليد ، وتألقها في سماء المجد ، ويستذكر أيام انتصاراتها الباهرة في بدر وفتح مكة وعين جالوت وغيرها .
•وهو أيضا يتطلع إلى غد مشرق للأمة ويستشرف لها مستقبلا زاهرا بعودة الخلافة على منهاج النبوة ، وليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار كما بشر بذلك الصادق المصدوق .
•والمؤمن إذ يستشرف لأمته المستقبل وإذ يدعو ربه لا يقف مكتوف اليدين حائرا بائرا واجما مشدوها ، وإنما ينخرط في صفوف العاملين لرفع الظلم عن أمتهم ، والساعين لاستعادة أمجادها حيثما يروق له الانتماء والعمل ، وبالقدر الذي يستطيع أن يبذله : سنانا ولسانا ومالا ورأيا وفكرا .
•ولابد مع هذا كله من الصبر على لأواء الحياة وشظف العيش فيها ، وعلى كلب الزمان وخذلان الإخوان ، وعلى مرارة الغربة ، غربة الدين والديار ، وعلى صولة الباطل وانتفاش الهررة واستنسار بغاث الطير . والنصر صبر ساعة .
•أدعو بإشفاق الذين وقفوا مع الطاغية أفورقي من المسلمين وأعانوه وآزروه على ظلم شعبهم وأذاقوه الأمرين استجابة لنزواته وإشباعا لنفسيته السادية ، فهل لهولاء من شجاعة وتوبة وأوبة إلى الله ، وإفاقة من سكرهم بالكف عن ظلم إخوانهم ورفعا لليد عن عون المجرم الآثم أفورقي وزمرته الحاقدة ، وهل ينسلخون عن صفه ويصرخون في وجهه وينخرطون في صف من يقاوم ، ندعوهم إلى ذلك حتى لا تلحق بهم لعنات التاريخ ويتركوا لأولادهم وذويهم سُبّةً وعارا وشنارا لا يمحي من الذاكرة ، تؤرق ذكراه حياتهم وتكدر صفوهم ؛ فهل رحمة بهم وبأبنائهم يمكن أن يغسلوا جرائمهم
بالتوبة ؟ والتوبة تجب ما قبلها بشرط أن يصلحوا بقدر ما أفسدوا مع الاعتراف وبيان الحق ( إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا ) .
•كلمة أخيرة : إلى الشعب الإرتري الصامد في الداخل والخارج إلى الذين يحملون أرواحهم في أكفهم والقابضين على جمر الزناد .والممتطين صهواة البنادق اصبروا وأبشروا وأملوا إن النصر آت آت بإذن الله وإن بوارق الأمل تلوح في الأفق وإن لكل ظالم نهاية ، وإن غدا لناظره قريب ( ولتعلمن نبأه بعد حين ) ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى لآله وصحبه وسلم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *