اما بخصوص اللاجئين الاثيوبيين – اضاف بلال – فقد بدأ لجؤوهم عام 1967م، حيث شهدت الولايات الشرقية تدفقات اعداد كبيرة منهم، وذلك نتيجة للصراع الدائر فى دولة اثيوبيا إبان حكم الامبراطور هيلاسلاسى وحكم الرئيس منغستو هيلاماريام، وطبق عليهم بند الانقطاع عام 2000م اما اللاجئون التشاديون فتم استقبال اعداد كبيرة منهم فى الفترة من عام 1981 وحتى عام 1985م، وذلك بسبب الجفاف والتصحر. وايضا عام 1972م استقبل السودان اعدادا كبيرة من اللاجئين اليوغنديين، وذلك بسبب الصراعات الدائرة حول السلطة إبان عهد الرئيس عيدى أمين، ومعظمهم عاد الى يوغندا. واضاف بلال اما بخصوص اللاجئين الصوماليين فبدأ دخولهم الى السودان عام 1992م بسبب الظروف السياسية الحرجة التى تمر بها بلادهم، وقد تمت استضافتهم فى معسكر الفاو «5» بولاية الجزيرة. وحسب بلال فإن اجمالى عدد اللاجئين بولايات الشرق الثلات كالآتى بولاية القضارف 73000 لاجئ، ولاية كسلا 164000 لاجئ، الولايات الوسطى 25000 لاجئ، ولاية البحر الاحمر 50000 لاجئ. وتابع ان سياسة السودان العامة تجاه اللاجئين عدم الاضرار بالمصالح القومية وامن واستقرار الوطن، وعدم التدخل فى شؤون البلاد المصدرة لللاجئين، واعتبار ان اللجوء قضية انسانية وليست عدوانية ضد بلد اللاجئ، بالاضافة الى ان المجتمع الدولى هو المسؤول الاول عن مساعدة اللاجئين، وتمثل العودة الطوعية الحل الامثل لمشكلة اللاجئين، ولا بد من توطين اللاجئين بعيدا عن الحدود ومساعدتهم للاعتماد على انفسهم، الى جانب الالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية التى تعتمد على الحلول المتمثلة في العودة الطوعية واعادة التوطين فى بلد ثالث، الى جانب الاستيعاب المحلى. واضاف بلال إن برنامج العودة الطوعية للاجئين الى بلادهم تم فى الفترة من عام 1994م وحتى عام 2004م، حيث تم بموجبها ترحيل حوالى 300000 لاجئ اثيوبى، و217000 لاجئ اريترى. واضاف بلال بالرغم من تنفيذ برنامج العودة الطوعية لللاجئين الاريتريين الى بلادهم الا ان اعدادا كبيرة منهم عادت الى السودان مرة اخرى.
وللوقوف على الأوضاع الانسانية المتدهورة سجلت الصحافة زيارة ميدانية الى اكبر المعسكرات بشرق البلاد، معسكر شجراب الذى يضم 3 معسكرات من بينها القديم والحديث، حيث يتم فيه استقبال اللاجئين الجدد بصورة يومية من مختلف الجنسيات. ويقدر عدد اللاجئين بمعسكرات شجراب حوالى500000 لاجئ اغلبهم اريتريون وشباب من الجنسين، الى جانب الاطفال القُصر والعجزة والمسنين، ويعانى اللاجئون من نقص حاد فى الخدمات الاساسية من صحة وتعليم، ووفقا لافاداتهم ان ما يتم تقديمه من خدمات لا يكفى حاجتهم، الا أن اعداد اللاجئين فى تزايد مستمر، ويكون ذلك بدون شك خصما على اللاجئين القدامى، ووفقا لافادات رئيس لجنة خدمات اللاجئين ابراهيم محمد موسى الذى تحدث بنبرة حادة لـ «الصحافة» فإن المعسكر تنقصه العديد من الخدمات، وما تقدمه المفوضية السامية للاجئين لا يكفى حاجة اللاجئين. واضاف ابراهيم قائلاً تتمثل الخطورة الآن فى الوضع الصحى المتدهور، حيث يقضي عدد كبير من اللاجئين حاجتهم فى العراء وبالقرب من المساكن، مما سبب اذى كبيرا وادى الى انتشار العديد من الامراض.
وتابع ابراهيم: اتصلنا بكافة الجهات المسؤولة واخطرناها بخطورة الموقف، الا ان الاستجابة ضعيفة جدا، واذا سار الامر كما عليه الآن فإن الموقف ينذر بكارثة بيئية وصحية يصعب تداركها. واضاف ابراهيم عندما اتينا للمعسكر عام 1985 كانت الخدمات متوفرة جدا ومستوى العناية باللاجئين ممتاز، ولكن للاسف الشديد لم يستمر هذا الوضع فسرعان ما انهار ووصل الى ما عليه الآن. ووصف ابراهيم برنامج العودة الطوعية للاجئين الى بلادهم بالفاشل ولا يخدم مصحلة اللاجئ، وان ذات الاسباب التى خرج بها اللاجئ من بلاده مازالت موجودة، فكيف يعقل ان يعود، ودعا الى اعادة النظر فى هذا البرنامج وتوظيف اعتماداته المالية فى مشاريع تخدم اللاجئ بصورة مباشرة.
وذكر ابراهيم ان مشكلة تلوث مياه الشرب من اخطر المشاكل التى يعانى منها اللاجئون، وبالرغم من تلوثها الا ان مصادر المياه البديلة شحيحة جدا، وطالب المفوضية السامية للاجئين بضرورة حفر المزيد من الآبار من اجل الحصول على مياه شرب. كما دعا الى بناء مدرسة ثانوية لاستيعاب ابنائنا فى الدراسة، وتخصيص منح دراسية فى الجامعات السودانية خاصة جامعة افريقيا العالمية التى تمنح خصوصية لتعليم الوافدين، وموضحا أنهم اجروا اتصالات فى ذات الخصوص ووعدت بتوفير الفرص، ولكن حتى الآن لم تفِ بالتزامها.
قصص مأساوية:
من خلال جولة «الصحافة» الميدانية داخل معسكر شجراب، التقينا باحد اللاجئين ويدعى افليلو قولد مناهو اثيوبى الجنسية، ويبلغ من العمر 36 سنة، طالب بالمرحلة الثانوية، ويقطن فى احدى المناطق الريفية بجنوب اثيوبيا، حيث روى قصته بقوله تحركت من قريتى لأزور اقاربى باحدى المدن الاثيوبية وانا اسير فى الطريق تم الغاء القبض على من قبل الجيش، وارغمونى على العمل بالجندية فرفضت ذلك، ولكننى قبلت تحت الضغوط، وقبل انتهاء فترة التدريب هربت من المعسكر الى دولة اريتريا، ولكن للاسف الشديد خيرتنى السلطات الاريترية بين الانضمام الى معسكرات المعارضة الاثيوبية فى اريتريا أو السجن، فرفضت الانضمام للمعارضة فوضعونى داخل السجن، ومكثت فيه 11سنة، وتعرضنا داخل السجن الى مختلف ضروب التعذيب والاهانة والشتائم، واثناء فترة السجن زارنا احد الجنرالات الاريتريين وهددنا بالقتل اذا لم ننضم الى المعارضة الأثيوبية، فتمسكت بموقفى الاول، وبعد اطلاق سراحى من السجن قررت الهروب الى السودان، وبالفعل تمكنت من الوصول الى السودان عبر الحدود السودانية الاريترية، اما اللاجئ الاريترى دوايت مدروسا 26عاما ويعمل سائقا فى مجال نقل البضائع، فقد حكى مأساته بحزن شديد، وقال: كنت احمل كمية من البضائع من مدينة الى اخرى، وفى الطريق اوقفتنى السلطات الامنية وصادرت بضاعتى بدون اى سبب، وعند استفسارى عن السبب هددونى بالقتل، فاضطررت للهروب الى السودان عن طريق البر، وانطلقت من مدينة على قدر الاريترية صوب الاراضى السودانية مشيا على الاقدام، وعبر مسيرة امتدت الى 5 ايام كنت افترش فيها الارض والتحف السماء، وكنت اسير ليلا وارتاح نهارا من دون طعام، وكنت اعتمد على الآبار والغابات لاجد مياه الشرب، وبعد هذه الرحلة المريرة استطعت الدخول الى الاراضى السودانية، وسلمت نفسي الى السلطات الأمنية التى بدورها حولتنى الى ادارة اللاجئين، وتمت معاملتى بصورة طيبة، اما اللاجئ الصومالى مؤمن معلا عمر الذى يعمل ضابطا بالجيش الصومالى فقد حكى قصته بقوله: عندما اشتدت الحرب بين الجيش والمليشيات القبلية فى الصومال وجدنا انفسنا نقاتل بعضنا البعض من دون فائدة، وعندما فشلت كل مساعى ايقاف الحرب اضطررت الى الهرب الى السودان، ولدى اسرة كبيرة فى اديس ابابا وصلهم نبأ موتى، واتصلت بهم قبل فترة واخبرتهم اننى على قيد الحياة، وبلغنى بعد فترة عن مقتل اثنين من ابنائى فى الحرب، واننى الآن اعيش فى وضع انسانى سيئ. واضاف مؤمن: قبل فترة سافرت الى منطقة القلابات الحدودية بين السودان واثيوبيا بغرض البحث عن ابنائى، واقنعت سائق شاحنة سودانى تتبع لشركة النفيدى للركوب معه بحجة اننى مساعد للشاحنة، فقدر ظرفى وقبل بذلك، وعند دخولنا للاراضى الاثيوبية وفى اقرب نقطة تفتيش طلبوا من العربة الرجوع الى السودان بحجة ان البضاعة غير مطابقة للمواصفات، وبذلك فشلت محاولتى الوحيدة لمقابلة اسرتى، فعليه اطالب من ادارة اللاجئين والصليب الاحمر باجراء الاتصالات اللازمة من اجل ربطى بأسرتى.
نزاع حول الأرض:
بعد تسليم العديد من المعسكرات الى حكومات ولايات الشرق بكافة ملحقاتها بما فيها المبانى والانشاءات الخدمية، بذلك تكون مسؤولية ورعاية اللاجئين قد تحولت الى حكومة الولايات، الا ان حكومات الولايات استلمت فقط المبانى والاراضى الزراعية التى تبلغ مساحتها آلاف الافدنة، وتنصلت من التزاماتها تجاه خدمة ورعاية اللاجئين، مما خلق ازمة حقيقية ما بين الحكومة واللاجئين. وقال مساعد المعتمد للولايات الشرقية د. بلال أحمد موسى نحن سلمنا الولايات المعسكرات واغلقناها تماما، ولا بد ان تقوم الحكومات بدورها تجاههم، والا يكون مصير اللاجئين مجهولا، واضاف بلال لدينا اراضٍ زراعية مسجلة باسم ادارة اللاجئين، وصدر قرار رئاسى بهذا الصدد، وظلت هذه الاراضى تحت سيطرتنا ويعتمد عليها اللاجئون فى مصدر رزقهم طيلة السنوات الماضية. وتابع بلال: هذه الاراضى لا تتبع للمعسكر لكى نسلمها ضمن ملحقاته، وادخلنا هذا الامر فى صراع حاد مع معتمد محلية ود الحليو بولاية كسلا الذى يدعى ملكيتها. وتابع عقب ظهور هذا الصراع اجرينا العديد من الاتصالات والمخاطبات مع والى ولاية كسلا صلاح على آدم الذى تفهم حقنا فى ملكية الاراضى، ووعد بحسم الامر، ومازلنا ننتظر ولا بد من الاشادة بالوالى لوقفته القوية معنا. واضاف بلال ان هذه الاراضى الزراعية تشكل لنا اهمية قصوى فى مشاريع الامن الغذائى للاجئين، الى جانب مساعدة اللاجئين فى الاعتماد على ذاتهم لكسب العيش، بدل الاعتماد على المعونات التى تأتيهم من الخارج، علما بأن غالبية اللاجئين فى سن الشباب الاكثر قدرة على الانتاج، فاستيلاء الحكومة على هذه المشاريع يخلق لنا مشكلة غذائية حقيقية يصعب حلها، فعليه اتقدم بنداء عاجل لحكومة ولاية كسلا لتدارك الامر.
المنتدى الاول للاجئي:
انعقد فى الفترة من 25 الى 31 من شهر مايو الماضى المنتدى الاول للاجئين بمعسكر ام قرقور تحت شعار «صوت واحد لغد واعد» بمشاركة 87 عضوا يمثلون لجنة معسكر ام قرقور، ممثلى احياء المعسكر، ممثلى المرأة والشباب، وممثلى رجال الدين. وذلك بغرض التفاكر والتشاور حول مختلف القضايا والمشاكل التى تواجه اللاجئين بمعسكر أم قرقور، خاصة فى مجال الخدمات الاساسية الغذاء، المياه، الصحة الوقائية والعلاجية والتعليم، واخيرا برامج التنمية التى شرعت فيها المفوضية السامية للاجئين أخيراً، ومن ثم تقديم مطالب عملية واضحة ومحددة بشأنها لجهات الاختصاص، خاصة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لايجاد حلول سريعة وناجعة لها. وناقش المنتدى العديد من القضايا المهمة للاجئين، وخرج المنتدى بمقترحات حلول لهذه الاشكالات المعقدة، وتم رفعها للجهات المعنية للنظر فيها واتخاذ خطوات عملية جادة لانفاذها، وذلك لضمان واستمرارية استقرار اللاجئين، وتمثلت المشاكل الاساسية للمعسكر فى التنمية الحقيقية، وان ما تقوم به المفوضية السامية للاجئين من مشاريع تنمية ليست مشاريع مهمة وتمس مصلحة اللاجئين، وهذه المشاريع ابعد ما تكون من هموم واحتياجات اللاجئين، علما بأن المشاريع التي تنفذها المفوضية السامية تستخدم فيها منهج الخيار والفقوس، تعطى من تشاء وتحرم من تشاء من دون اسس وقوانين، علما بأن اللاجئين سواسية وفقا للقانون الدولى، فعليه نعبر عن رفضنا لهذه المشاريع بشكلها الحالى، ولا بد من اعادة النظر فيها واشراك اصحاب المصلحة الحقيقيين واخذ مشورتهم، ولقد اشارت التوصيات الى ضرورة حل مشكلة المياه بايجاد مصادر اضافية لمياه الشرب، علما بأن المياه التى يشربها اللاجئون غير صالحة وبها درجة عالية من الملوحة، علما بأن المعسكر فى فترة الخريف ينعزل تماما عن المدينة، واذا كانت المفوضية السامية للاجئين التابعة للامم المتحدة جادة فى استقرار اللاجئين بالمعسكر فلا بد من أحد الحلين، اولهما اختيار معسكر جديد بديلا لمعسكر ام قرقور قريبا من الطريق العام ومن التجمعات السكنية، وتتوافر فيه مصادر مياه عذبة واراضٍ زراعية كافية لكل اللاجئين بأم قرقور بواقع عشرين فدانا لكل اسرة متوسطة فى ظل سياسة المفوضية الرامية الى تحقيق الاعتماد على الذات، الى جانب توافر خدمات الكهرباء، ولا بد من اقامة ورش صناعية ومهنية لتدريب وتشغيل القادرين على العمل.
ثانيا: حال تعذر ترحيل معسكر ام قرقور الى موقع جديد بالمواصفات المذكورة فى البند اعلاه يطالب اعضاء المنتدى باسم لاجئي ام قرقور المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالسعى الى اعادة توطينهم فى بلد ثالث، والعمل على حل ملفات اللاجئين الذين اكملوا اجراءات السفر منذ سنوات ولم تتم اعادة توطينهم بعد، أما فى مجال الغذاءات فلا بد من ضرورة توزيع المساعدات الغذائية لجميع اللاجئين المسجلين بأم قرقور تفاديا لأى غبن مرده التمييز على اساس النسبة والتصنيف بين لاجئ وآخر يفترض فيهما التساوى فى الحقوق والخدمات المقدمة من المفوضية السامية للاجئين، وإذا كان لا بد من النسبة والتصنيف يجب أن يتم ذلك وفق معايير منصفة لا تميز بين لاجئ وآخر اوضاعهما متماثلة، ولا بد من تحسين نوعية وكمية المساعدات الغذائية وزيادة اصنافها، وفى حالة حرمان أى لاجئ من المساعدات الغذائية يجب منحه بدائل اخرى تضمن استمرارية حياته.
وفى ذات الاطار اكد مدير الوحدة الصحية بالمعسكرات د. احمد عبيد استقرار الاوضاع الصحية بجميع المعسكرات، ولم يتم تسجيل اية حالات وبائية طيلة العام، علما بأن الامراض الاكثر شيوعا الملاريا والتهابات الاطفال والاسهالات العادية. واضاف احمد نعانى من نقص حاد فى الادوية وبعض الامصال بالذات أمصال العقرب والثعابين والانسولين. وتابع احمد: هنالك حملات رش مكثفة من اجل القضاء على الذباب والناموس. وحذر أحمد من خطورة ظاهرة تبرز اللاجئين فى العراء، وذلك لعدم وجود مراحيض كافية، وتعتبر هذه الظاهرة من اكبر المهددات الصحية بالمعسكرات. وطلب احمد من المفوضية السامية للاجئين ضرورة مضاعفة الدعم الصحى للمعسكرات، علما بأن الخدمات الصحية المتوفرة بالمعسكرات لا تفى بحاجة اللاجئين، لاسيما انهم فى تزايد مستمر. وأضاف احمد لا بد من خلق وظائف جديدة لاستيعاب كوادر صحية مدربة لمقابلة هذا الضغط الكبير من اللاجئين، علما بأن الكوادر المتوفرة حاليا غير كافية، وناشد أحمد السلطات ذات الصلة الاسراع فى ايجاد الحلول العاجلة لانقاذ الموقف
المصدر: صحيفة الصحافة السودانية